انخفاض مفاجئ في أسعار النحاس

انخفضت أسعار النحاس هذا الأسبوع، في واحدة من أشد الانخفاضات التي شهدها السوق في السنوات الأخيرة. يوم الأربعاء، هبط النحاس في بورصة COMEX بأكثر من 20٪ خلال ساعة واحدة فقط. وكان السبب هو تغيير في السياسة: حيث أعلنت الحكومة الأميركية أن النحاس المكرر سيتم إعفاؤه من تعرفة استيراد مخطط لها بنسبة 50٪.

جاء هذا القرار بعد أسابيع من الترقب بشأن تعريفات أوسع كان من المتوقع أن تجعل النحاس المستورد أكثر تكلفة وتقلل العرض داخل الولايات المتحدة. وكانت أسعار العقود الآجلة قد ارتفعت نتيجة لذلك. هذا التراجع المفاجئ فاجأ المتداولين، وهو ما تسبب في حالة من الذعر.

ما الذي حدث فعلاً

كانت الولايات المتحدة قد خططت لفرض تعرفة جمركية بنسبة 50٪ على مجموعة واسعة من واردات النحاس، بما في ذلك النحاس المكرر، والمنتجات شبه المصنعة مثل الأنابيب والأسلاك، والمركزات. لكن قبل بدء سريان هذه التعريفات، تم إزالة النحاس المكرر من القائمة.

وكان ذلك مهماً لأن النحاس المكرر هو أساس العديد من الصناعات الأميركية، من البناء إلى الإلكترونيات. وإزالته من خطة التعريفات يعني أن إمدادات النحاس في الولايات المتحدة لن تتعرض للاضطراب، مما أضعف على الفور السبب الرئيسي الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار في المقام الأول.

لماذا كان انهيار أسعار النحاس حاداً جداً

كان رد فعل السوق حاداً لأن المتداولين كانوا يتوقعون نقصاً في العرض. وبمجرد أن أصبح واضحاً أن النحاس المكرر سيستمر بالتدفق بحرية إلى الولايات المتحدة، انهارت تلك المراكز.

وانخفضت أسعار COMEX بشكل حاد، لأن علاوة التسعير التي تكونت حول مخاوف نقص الإمدادات الأميركية اختفت بين ليلة وضحاها. وقد تسبب هذا في خلل واندفع المتداولون للبيع، وأُجبر البعض على التصفية بسبب نداءات الهامش، مما أدى إلى انهيار الأسعار.

ولزيادة الطين بلة، يحذر المحللون الآن من أن النحاس المخزن في مستودعات الولايات المتحدة قد يتم شحنه مرة أخرى إلى الأسواق العالمية، لأنه لم يعد يستفيد من الطلب المحلي المتوقع؛ مما يضيف المزيد من العرض إلى سوق يظهر بالفعل مؤشرات ضعف.

النحاس: العرض والطلب

أسعار النحاس لا تتأثر فقط بالسياسة الأميركية، فهناك مشكلة في الطلب العالمي قادمة من الصين، أكبر مستهلك للنحاس في العالم.

في يوليو، تراجع قطاع التصنيع في الصين مرة أخرى. وانخفضت طلبات التصدير للشهر الرابع على التوالي، وتسارعت وتيرة تقليص الوظائف في المصانع. هذه مؤشرات سلبية للنحاس، الذي يُستخدم بشكل كبير في البناء والتصنيع.

من ناحية العرض، أعلنت تشيلي، أكبر منتج للنحاس، عن انخفاض بنسبة 6٪ في الإنتاج في يونيو. وربما كان هذا ليدعم الأسعار عادة، لكن في الوقت الحالي، فإن ضعف الطلب يفوق قيود العرض.

ما الذي سيحدث لاحقاً

يتم تداول النحاس حالياً عند حوالي 4.43 دولار، في محاولة للاستقرار بعد الانهيار. ومن المرجح أن تبقى تحركات الأسعار خلال الأسابيع القليلة القادمة ضمن نطاق ضيق ما لم يحدث تغيير كبير.

على المدى القصير، قد يتعافى النحاس قليلاً مع استيعاب السوق لأخبار السياسة. لكن مع الضغط على الاقتصاد الصيني وارتفاع المخزونات العالمية، لا يبدو أن هناك مجالاً كبيراً لارتفاع قوي.

قرار التعرفة الجمركية

كان لإعفاء النحاس المكرر من تعرفة الـ 50٪ فوائد واضحة. فقد حمى المصنعين الأميركيين من ارتفاع مفاجئ في تكاليف المواد، وتجنّب تغذية التضخم، وحافظ على علاقات التجارة مع الموردين الرئيسيين - مثل تشيلي وكندا والمكسيك.

لكن هذا أضعف أيضاً الهدف الأصلي للتعرفة، والذي كان يتمثل في دعم المنتجين المحليين وتقليل الاعتماد على المعادن المستوردة. وبما أن النحاس المكرر لا يزال يصل بدون رسوم، فإن مصاهر ومناجم النحاس الأميركية لم تستفد كثيراً من تغيير السياسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن فرض تعريفات جزئية فقط على المنتجات شبه المصنعة (مثل الأسلاك والأنابيب) قد يعطل سلاسل التوريد التي تعتمد على النحاس الخام والمعاد تدويره.

الخلاصة

كان بيع النحاس مدفوعاً بمحاولة المتداولين التكيف مع تغيير مفاجئ في القواعد. والآن بعد أن هدأ الغبار، سيواجه السوق سؤالاً أكبر:

• هل يمكن لأسعار النحاس أن تتعافى إذا بقيت الصين ضعيفة واستمرت المخزونات في الارتفاع؟

في الوقت الحالي، يبدو أن النحاس يبحث عن توازن.